القائمة الرئيسية

الصفحات

ثروات سوريا المنهوبة موزعة بين أطراف النزاع.. والسوريون يراقبون

فرضت ميليشيا أسد شروطاً جديدة على إدخال المحروقات إلى مناطق سيطرة ميليشيات "قسد" الكردية في ريف حلب الشمالي وحيي الشيخ مقصود والأشرفية بالمدينة.

فحسب موقع نورث برس الكردي، إن ميليشيا أسد فرضت الحصول على ضعف الكمية المدخلة لتلك المناطق، إضافة إلى دفع ضريبة عن كامل الكميات لـ "الفرقة الرابعة".

وتطالب ميليشيا أسد مقابل إدخال 25 برميلاً من المازوت تقديم 50 برميلاً للجنة الأمنية التابعة لها، خلافاً للكمية السابقة التي كانت 25 برميلاً، بالإضافة إلى دفع كامل الضريبة عن 75 برميلاً.

وليست الغرابة في الخبر الذي نقله الموقع، فلطالما تحدث مثل تلك الخلافات بين ميليشيات أسد وقسد، ولا سيما في ملف مصادر الطاقة المتقاسمة بين اللاعبين الأساسيين والمتحكمين بها في الوقت الذي ما يزال فيه السوريون محرومين من ثرواتهم منذ عهد الأسد الأب، وحتى يومنا هذا.  

بداية لا بدّ من الإشارة إلى غياب الإحصائيات الدقيقة حول إنتاجية النفط السوري وعوائده منذ البدء بعمليات التنقيب في ثمانينيات القرن الماضي، بسبب تعتيم الأسد الأب على ملف مصادر الطاقة باعتباره من أسرار الأمن القومي حسب زعمه، فيما تشير آخر إحصائية للوكالة الدولية المأخوذة عن مؤسسات ميليشيا أسد أن احتياطي النفط السوري 2.5 مليار برميل، وهو ما يعادل 0.14% فقط من احتياطي النفط العالمي.

من جهته، يشير وزير النفط السوري الأسبق "إبراهيم حداد" في دراسة صادرة عن مجلة "جامعة دمشق" عام 2005، إلى أن احتياطيات البلاد تبلغ نحو 6.7 مليارات برميل، تمّ إنتاج 4.3 مليارات برميل منها، وبقي نحو 2.4 مليارات برميل كاحتياطي نفطي قابل للإنتاج.

"المربع الشمالي الشرقي" الأغنى نفطياً

تتركز حقول النفط السورية في المربع الشمالي الشرقي من البلاد، وتقدر مساحة البلاد غير ممسوحة والتي لم يجرِ التنقيب فيها بنحو 60% ، والأمر نفسه ينطبق على المياه الإقليمية السورية، ويخضع هذا المربع الغني (الحسكة- دير الزور- الرقة) لسيطرة الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها ميليشيا قسد، ويبرز الاهتمام الأمريكي بهذه الحقول، إذ يعد النفط أهم مرتكزات السياسة الأمريكية للهيمنة على منطقة الشرق الأوسط، كما تشكل الحركة الآمنة للطاقة ومساراتها خطاً أحمر للإدارة الأمريكية وأحد الأولويات التي لا يمكن لأي طرف المساس بها.

ويعد حقل "العمر" بدير الزور الأضخم على مستوى القطر السوري، ويخضع لسيطرة مباشرة من الجانب الأمريكي إلى جانب حقول أخرى كحقلَي "الورد والتيم" اللذين تديرهما روسيا، والحمار والحسيان اللذين تديرهما إيران، كما تضم محافظة الحسكة حقل "رميلان" الذي يحتوي على أكثر من 1322 بئراً نفطيًا وأكثر من 25 بئراً غازياً.

في تقرير له يناير/ كانون الثاني الفائت، أكد موقع "إينرجي فويس" المختص في مجال النفط والطاقة عن الرئيس التنفيذي لشركة "غلف ساندز" البريطانية، جون بيل، أن الإنتاج "غير المشروع" لقوات قسد في مناطق شمال شرقي سوريا يقدَّر بنحو 80 ألف برميل في اليوم.

وتقدّر الشركة التي كانت لها حصة 50% من البلوك 26 شمال شرقي سوريا، أن "قسد" تنتج حوالي 20 ألف برميل يوميًّا منذ عام 2017 من البلوك 26، أي أنها أنتجت أكثر من 41 مليون برميل من النفط بشكل غير مشروع، وبمتوسط سعر 70 دولارًا للبرميل، بقيمة إجمالية تقريبية تقدَّر بحوالي 2.9 مليار دولار أمريكي من البلوك 26 وحده.

كما أنه -وحسب التقرير- يمكن زيادة إنتاج البلوك 26 إلى 100 ألف برميل في اليوم، ويمكن تكراره مع الشركات الأخرى ورفع الإنتاج إلى حوالي 500 ألف برميل في اليوم، ما قد يدرّ عائدات تتراوح بين 15 و20 مليار دولار أمريكي سنويًّا، وكل ذلك بعد غضّ الطرف من قبل الحليف الأمريكي دون أن يرى السكان المحليون أي فائدة من ثرواتهم.

الفوسفات بين إيران وروسيا

ما ينطبق على عمليات النهب الممنهجة للنفط السوري ينطبق على الفوسفات الذي يعد من النوع الغنيّ بمادة اليورانيوم المشعّ المُستخدم لأغراض عسكرية، وتتوزع حقول الفوسفات السوري -الذي حلّت به سوريا بالمرتبة الخامسة عالمياً من حيث التصدير حتى العام 2011-  في منطقة الحماد (الجفيفة والثليثاوات والسيجري والحباري)، المنطقة الساحلية (عين ليلون وعين التينة وقلعة المهالبة وحمام القراحلة)، السلسلة التدمرية (منجم "خنيفيس"  الخاضع لسيطرة إيران والمقدر احتياطيه بـ 400 مليون طن،  ومنجم "الشرقية" الخاضع لسيطرة روسيا والمقدر احتياطيه بـ 1.7 مليارات طن). 

ووفق وثيقة سرّية نشرها موقع "إيران إنترناشيونال"، فإن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، يبرّر طلبه للتعامل بالفوسفات السوري، بقوله، إنه "نظراً إلى الدرجة العالية من اليورانيوم التي تتمتع بها تربة الفوسفات السوري، فإن استخراج اليورانيوم وتحضير الكعكة الصفراء منه يُعدّان مناسبين أكثر من الناحية الفنية، مقارنةً مع استخراج اليورانيوم من المصادر منخفضة الدرجة والمشعّة في البلاد".

ويتم نقل الفوسفات السوري بواسطة ميليشياالحرس الثوري عبر الحدود العراقية إلى إيران، من مناجم "خنيفيس" عبر معبر القائم العراقي، إلى جانب نقل "حزب الله" أطناناً من الفوسفات السوري إلى لبنان. 

وبعد منح حكومة الأسد عقدًا حصريًا لشركة "ستروي ترانس غاز" الروسية لاستخراج الفوسفات من حقل الشرقية بالقرب من مدينة تدمر بريف حمص وبيعه، تسبّب ذلك في الحّد من استفادة إيران من الفوسفات السوري، إذ تحصل الشركة الروسية على  70% كحقوق من إيرادات المبيعات، فيما تبلغ حصة النظام عبر الشركة العامة للفوسفات والمناجم  (GECOPHAM) 30% مقابل تسديد قيمة أجور الأرض والتراخيص والضرائب والرسوم الأخرى، بالإضافة إلى تحكم موسكو في سوق الفوسفات السوري.

حسب مركز الحوار السوري،  تشير مؤشرات إلى وجود ملامح تفاهم روسي إيراني لأن تكون إيران وجهةً لتصدير الفوسفات، برغم تحكُّم روسيا بثلاثية الإنتاج من المناجم، والتصنيع لقسم من الفوسفات في شركة الأسمدة، والتصدير، وهو ما يدلّ على إصرار إيراني للحصول على حصة كبيرة من الفوسفات السوري وعدم رضوخها للسيطرة الروسية شبه المطلقة على القطاع.

فيما تُوحي الأرقام التي تتحدث عنها إيران (ألف مليون طن أو 200 مليون طن)، بوجود مخطط إيراني للسيطرة على إنتاج الفوسفات السوري لمدة تزيد عن 50 عاماً، نظراً إلى المعدل الوسطي للإنتاج الحالي، البالغ مليوني طن سنوياً.

وما بين الثالوث الناهب "ميليشيات قسد" التي تسرق الموارد السورية لصالح مشروعها الانفصالي بدعم حليفها الأميركي، وقبلها "عائلة الأسد"، و"أطماع الأطراف الداعمة لها"، يبقى السوري هو السلعة الأرخص في هذا النزاع، والهيمنة الجامحة للاستحواذ على مصادر القوة، ولعل هذه المصادر إلى جانب موقع سوريا الاستراتيجي التي تعتبر نقطة ارتكاز أساسية في منطقة الشرق الأوسط هي ما سبّب اللعنة على السوريين، بسبب تدخلات الدول وأذرعها ولهاثها المحموم لوضع موطئ قدم لها ونهب خيراتهم، بعد تهجيرهم من أرضهم.

تعليقات

التنقل السريع